Tuesday, June 5, 2007

أنا وفوقي فخري

قررت اليوم أن أنشر بعض كتاباتي القديمة والتي مازلت محتفظة بها فقد تخلصت من معظمها فيما سبق وأبدأ بنشر أول قصة كتبتها في حياتي
كنت قد كتبت تلك القصة منذ سنوات وأول من رآها حينها هو الناقد السينمائي الأستاذ العزيز فوقي فخري
حينها أخبرني أنني موهوبة وأنني صغيرة جدا لكن لي أسلوبي الخاص وأنني إن اخترت هذا الطريق لاستمر فيه ربما يكون خيرا و...و..و
المهم أنني توقفت عن الكتابة لسنوات وظلت صداقتي بالأستاذ فوقي إلى لحظتنا هذه وهو دائما مختلف معي في تقييمي للأشياء ونظرتي للأشخاص وتعاملي مع المواقف والأمور
أهدي للأستاذ العزيز فوقي فخري شيئا متواضعا كتبته حين كنت صغيرة وأعجب هو به
رغم أنني لم أراه كما رآه هو ربما هي عادتنا في أن نختلف.... أهدي اليه
الشيء الوحيد الذي صنعته ولم أتلق عليه اللوم
وسأدعكم تختارون لها العنوان فلطالما فشلت في تسمية الأشياء

قصة
يا مستعجل عطلك الله .... هذا هو المثل الذي يصف ما حدث فعلا فبعد ذهابي إلى المحطة في عجلة وسؤالى عن السيارة المتجهة حالاً إلى الاسكندرية اكتشفت اني أول راكبة وأن وقت طويل سيمر قبل ان تتحرك تلك السيارة .
استندت إلى السيارة والصدمة تغطيني حتى أنني ضبطت نفسي متلبسة بتكشيرة معقدة حاولت فكها دون جدوى.
وفجأة لاح الأمل حيث أتى رجل وأمرأة يجرون ورائهم ابنائهم ويسألون عن السيارة المتجهة إلى الاسكندرية اخبرتهم وانا متفائلة بأنها هي تلك السيارة فسألني الرجل
-الأجرة كام يا دكتورة ؟
-أنا مش دكتورة و الأجرة خمسه وعشرين جنيه
وسرعان ما زال تفاؤلي حيث غادرني دون أن يلتفت إلي محدثاً زوجته :
-لا القطر أرخص
لماذا ناداني " يا دكتورة "؟؟ ........ هل خمسة وعشرين جنيه كثيرة إلى هذا الحد؟؟
فكرت لثواني في هذا السؤال ثم جلست بالسيارة وفور جلوسي اعترتني حالة لذيذة جداً من عدم التفكير .. دقائق ما من شيء في رأسي حتى أنني أظن أنك لو سألتني حينها "ما اسمك؟" لما عرفت....
وفجأة التفت فوجدت السيارة قد اكتملت مقاعدها لا ينقصها سوى السائق ....
ظللنا ننتظر سائقنا وبدأ بعض الركاب يتذمر وأشعرني تذمرهم هذا بالغيظ انا هنا قبلهم وكأن التذمر حق لمن أتى مبكرا سألت جاري في المقعد بهدوء مصطنع إذا كان السائق سيتأخر وأجابني أنه لايعلم وكنت متأكدة من ذلك فهو راكب مثلي وأتى بعدي ولكنك ربما تتفهم سلوكي هذا أحيانا نسأل من نثق في أنه لا يعرف ربما لنثبت لأنفسنا أن لنا شركاء في الحيرة والممل أو أي شعور أخر وربما كان أملا حقيقيا في أن يتصنع الاخر المعرفة فيعطيك اجابة تطيل من عمر الصبر القليل المتبقي لدينا ..لا أعلم
أنظر إلى هذا الجار لماذا يا ترى يرتدي تلك الألوان وتلك الأساور وتلك السلاسل ؟
ولماذا يرفع شعره بأصابعه كل دقيقتين هل يعمل مع راقصة ما ؟ لقد أثرت علي الدراما التلفزيونية إلى حد بعيد ... ربما كان شاذا .. طردت من رأسي فوراً تلك الفكرة المقززة حتى لا أشعر بالغثيان فهو جاري لمدة ثلاث ساعات ... ها قد وصل سائقنا العزيز نظرت في وجهه ..ياااااه ... رجل كبير .. عجوز
- هيسوق بينا ده ؟
-ربنا يستر.
هل تستطيع أن تتخيل شكل قيادته ؟ أظنك تستطيع .. بطيئة بطء يتناسب معه وكأن موتور السيارة يستمد قوته من يديه الواهنتين تلوت دعاء السفر وتشاغلت بالاستغفار وتململت في مقعدي وبذلت كل ما استطيع لأمرر وقتي ثم بدأت في إعطاء رنات من موبايلي للأصدقاء وقرأت الرسائل عدة مرات وأعدت الموبايل إلى حقيبتي واخذته مرة أخرى وتابعت الخطوط المرورية من نافذتي ثم نظرت الى ساعتي ولا تعرف كم قاومت لكي لا أفعل مرت عشرون دقيقة فقط عشرون دقيقة تنهدت بعمق والتفت إلى جاري وجدته يقرأ الجمهورية ...تعرف بالتأكيد شكله فقراء تلك الجريدة مميزون حقاً .
دائما أنسى شيئا حين السفر واليوم نسيت أن أحضر كتاباً ليرافقني في الطريق .
بعد ان انتهى من قراءة كل شيء عن الكرة قرأ الأبراج ولا أدري لما اختلست ايضا نظره للابراج فأنا كما تعلم لا أقرأها أبداً ابتسم واعطاني الجريدة سألته عن الكلمات المتقاطعة فقال أنه لا يحلها . أنهيت حلها بسرعة كبيرة غير أن هناك اجابة تشكلت معي من تقاطع اجابات اخرى معها ولولا هذا ما اجبتها أبدا " وزير تموين أنجولي سابق" ذكرني هذا السؤال بمشاعري حيال تلك النوعية من الجرائد...
لماذا لا يسرع هذا السائق ؟ أهم بأن أسأله أن يزيد من سرعته أنظر إليه في المرآه تصدمني التجاعيد والوهن الواضح فأرتد عن عصبيتي وأعود للنظر من النافذة .
أمسك بسلسلتي القصيرة التي أرتديها .. دلايتها قلب مجسم أمسكه بأسناني فأشعر بوخز شديد في قلبي فأتركه .
أنقر بأصابعي على الكرسي الأمامي فيلتفت إليّ الراكب ويبتسم أخجلني ... هل يظن هذا المعتوه أني كنت أنقر بأصابعي لفتاً لانتباهه..
ستدركين أنتي ماذا أقصد بالضبط تعرفين هذا النوع من الرجال الذي يظن في كل التفاتة وحركة وابتسامة وكلمة لامرأة أن ورائها نداء له ... تشعرين مثلي بتفاهتهم وتودين لو جمعناهم في مكان للتخلص منهم دفعة واحدة .
بدأ الركاب في جمع الأجرة وتهامسوا :
-المفروض هو اللي يدفع لنا ...
- ده سواق م الأنتيك خانة ...
نظرت مرة أخرى لوجهه بالمرآة .. ترى كم تجعيده بهذا الوجه العجوز ؟؟؟؟
أنت الآن تفكر فيهم كما فكرت أنا ... يسخرون من حاله التي سنصبح كلنا عليها ذات يوم ... كيف يجترءون على سخرية مثل تلك ؟ لو يعلمون أن الزمن متربص بهم ما نبسوا بها .
وصلنا الاسكندرية بسلام وأنزل لهم العجوز صاحب الالف تجعيده حقائبهم حقيبتي وضعت قبلهم وتنزل بعدهم ... لم أتعجله وساعدته في إنزالها ... بالطبع انت تقدر خجلي من الأفكار التي واتتني في بداية ركوبي السيارة ربما كان هذا سبب رقتي معه تعجبت جداً بعد أن شكرته من رده
- ربنا يكرمك يا دكتورة ويوقف لك ولاد الحلال
- لماذا قال لي يا دكتورة ؟ على أية حال أسعدتني دعوته .
في اليوم التالي وبعد انجاز مهمتي بالاسكندرية ذهبت إلى المحطة ووجدت نفس السائق وذهبت نحوه فرفع راسه وابتسم وأشار إلى سيارة أخرى :
- دي اللي عليها الدور
- هاستناك
....

7 comments:

Unknown said...

قصة جميلة اقترح لها عنوان
انا مش دكتورة
اجمل مافى القصة انها تظهر ان تفهم المشاعر والحالة الانسانية قد تغير
تعاملنا معها من النقيض للنقيض
جميل جدا ايجاد علاقة بين القلب المجسم والقلب الحقيقى فعلا انتى موهوبة

Unknown said...

رائعة ولكن اجعلها اطول حيث اعتقد ان لديكي من المشاعر ما قد يجعلها رواية

Anonymous said...

قصة جعلتنى ابكى من اعماقى فهذا هو حالنا اليوم مع قائد سيارة يقترب من الثمانين ويقود الحياة والشعب والعيشة واللى عايشنها إما إلى تصادم فى شجرة أو السقوط فى ترعة...يبدو انك تنبأتى بالواقع المرير يابدر وان كان هذا السائق قد اعجبك فسائقنا الذى يجلس على حجره ولده الصغير ليلعب بعجلة القيادة لايعجبنا ولن نركب السيارة وسوف اذهب لركوب جمل فى موروتانيا.....

Essam Nada said...

جميلة يا بدر التعبيرة دي.. جميل إن الواحد يكتب ... يعبر وينفس ويعترض ويبكي على الورق ... الكتابة وسيلة رائعة للخروج من حالتنا الصعبة في زمننا هذا وعالمنا هذا وبلدنا هذا ... أنا لست ناقدا ولا أعلم أكثر من رأيي الشخصي وانا بأقرأ كلامك شايفك قوي فيه .. حاسس إنك جواه وكأنك بتحكي نفسك .. جربي المرة الجايةان تتقمصي حد تاني بمشاعر تانية وقلب ليه لون تاني أو تالت .. المهم قلب ومشاعر من يحيطون بنا ولا يروا في العجوز الا ضعفه (ومخدش العجوز أنا .. أزقه يقع في الأنا"القناة") إستمري يا دكتورة .. في لسه كتير .. كتير قوي

Islam_Nagy said...

بصراحه بقالي يومين عايز اكتبلك تعليق على قصتك بس مش لاقي اي كلام مناسب ليها كل الكلام زي رائعة وهايلة ومحصلتش كلام قديم ومكرر بس ممكن اقولك ان وانا بقراها كان عندي إحساس بالفخر اني اعرف بدر العبيدي ومتاكد اني في يوم قريب ان شاء الله هاقعد مع الناس واقولهم انا اعرف بدر العبيدي وهايقولوا عليا بانتش الاسم اللي حسيته لقصتك ...انتظار

Alaktash said...

عندما أضبط نفسي متلبساً بالغيظ ، لأن أحدهم كتب ما كنت أنوي كتابته ، أو أنه كتب ما كنت أريد التعبير عنه بشكل أفضل مني .
فإنني أكون متأكداً من أنني أمام كاتب يجدر بي أن أغار منه .
أحسدك يا بدر على اصطيادك للحظة تمر علينا جميعاً ، و مشهد يتكرر أمام اعيننا كثيراً .. لكنه يعبر سريعاً دون أن نعيره انتباها .
إنها عين الفنان التي ترى ما لا يراه الآخرون .
القصة القادمة _ بلا شك _ ستكون أفضل كثيراً .. لا تخذليني يا بدر .
كوني بخير

Unknown said...

انتى دايماٌ عجبانى يا بدر فى كل حاجة وكلامك جميل جدا جدا وتعبيراتك قوية
انتى لاحظتى حالة موجودة بينا ولما بتمر علينا بنقلق منها بس مش بنعلق عليها
ربنا يوفقك وتبقى حاجة كبيرة قوى