قصة قديمة ورائعة تماماً ككاتبها
أحب تلك القصة رغم أن محمداً لم ينشرها في مجموعته القصصية ورغم أنه مازال يرفض نشرها في مجموعة حتى الآن نظراً لحداثة سنه عند كتابتها ...الأقطش كتب تلك القصة وهو تقريبا في السابعة عشرة من عمره استمتعوا بقراءتها.
تعود دائماً أن يناديها مريم - هكذا بدون خالة كثيراً ما نهته والدته عن ذلك وهي تزعق فيه قائلة :
هي كانت من بطنك واللا كانت بتلعب معاك الأولى عشان تقوللها مريم يا قليل الأدب ؟
إلا أن ابتسامة مريم المشرقة تشجعه دائماً على عدم ترك عادته . وكان يقول لنفسه دائماً :
دي نصراني ومش قريبتنا , أقول لها يا خالة ليه؟!
يحب أن ينظر دائماً إليها , خاصة وهي تتحدث مع والدته أمام فرن الخبيز عن جورجيت أختها الصغرى , مرتدية جلبابها الأخضر المشغول بالترتر والخرز الملون على الصدر , تمد ساقاً أمامها وتقرفص الأخرى . ساقها بيضاء ناعمة . يحب ذلك الهدوء في عيني مريم والتي تقارب والدته في السن , إلا أن والدته لم تكن أبداً بجمال مريم .
ومريم لم تتزوج مثل والدته بالرغم من جمالها الواضح وبشرتها الخمرية وشعرها الأسود المنسرح حتى وسطها , كما أنها ممتلئة قليلاً ناهدة الصدر . يتمادى في تظاهره بالنوم حين تحمله لتضعه في سريره بعد أن ينعس أمام الفرن ودفء الحكايات وجمال مريم . لا يتذكر منذ متى وهي توقظه في الصباح , تقبل جبينه بشفتيها الطريتين , وتضع على صدره وردة بيضاء . لم تتأخر يوماً مريم عن إيقاظه وتعود مع ذلك على قبلتها والوردة .
حديقتها الخلفية تمتليء بالورد , إلا أن جورجيت تمنعه دائماً من دخولها .
عندما مرضت مريم كان يستيقظ مسرعاً إلى دارها , ويجتاز فسحاية الدار متسللاً من جورجيت , لم يكن يحبها لأنها سليطة اللسان , متكبرة , ليس فيها شيء من مريم .
يصعد على سرير مريم , تستيقظ في وهن وتقبله وتعطيه الوردة
استيقظ على صوت صراخ وولولة . جرى مسرعاً نحو دار مريم , فوجد والدته تقف على الباب متشحة بالسواد .. وتبكي . اخترق أجساد الواقفات إلى الداخل , أمام باب الحجرة رأى جورجيت تبكي لأول مرة .. لم يكن يتخيل أنها تعرف البكاء
إيه اللي حصل ؟
قالها وهو يريد أن يبكي , لكنه كان مشغولاً بشيء آخر , حاول دخول الحجرة , منعته جورجيت يكرهها جداً .. سار ورائهم حتى مدافن النصارى .. الجميع يبكون بينما هناك رجل واقف يرتل بعض الكلمات في تأثر حاول أن يجد مريم بينهم .. لم تكن موجودة
يعني إيه " ماتت" ؟؟
لم تجبه والدته ومازالت منخرطة بالبكاء
عبر من بين الواقفين حتى وصل إلى الرجل هناك , أمسك بطرف جلبابه وقال له وهو يبكي
هي مريم فين ؟
لم يجبه الرجل لكنه ربت على كتفه في حنو أراد إجابة واضحة جذب جلباب الرجل ثانية وهو يقول :
أنا كنت عاوز منها الوردة بس والله .
تناول الرجل من إصيص بجواره وردة بيضاء , ناولها إياه قائلاً : ليرحمها الرب.
أمسك الوردة لم تكن هي ما يريد . علا صوت بكائه وهو يقول :
ماليش دعوة أنا عايز وردة مريم
1 comment:
متشكر يا بدر
و ربنا يسامحك
Post a Comment